عنوان کتاب : الجنة و النار فی الکتاب و السنه
قطع : وزیری
جلد : 1
نوبت چاپ : اول
تاریخ انتشار : 1390
ناشر : سازمان چاپ و نشر دار الحدیث جستجو در Lib.ir

الجنة و النار فی الکتاب و السنه

المقدّمة

تعدّ الجنّة والنار أهمّ مسألة معرفيّة فيما يخصّ معرفة العالم و الإنسان و الدين. و إنّ فلسفة خلق الإنسان والعالم من منظار القرآن الكريم والحكمة الأساسيّة منه هي الرجوع إلى الباري تعالى، ولولا هذه الحكمة لما كان خلق الإنسان عبثاً فحسب بل كان خلق جميع الموجودات عبثاً و باطلًا، و لهذا فإن القرآن الكريم قد بيّن الهدف من خلق الإنسان بقوله:

«أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَاتُرْجَعُونَ».[۱]

كما بيّن الحكمة من خلق العالم بقوله تعالى:

«وَ مَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَ الْأَرْضَ وَ مَا بَيْنَهُمَا بطِلًا ذَ لِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ فَوَيْلٌ لّلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنَ النَّارِ* أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَ عَمِلُواْ الصلِحتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِى الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ».[۲]

ويقول تعالى شأنه أيضاً:

«أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُواْ السَّيَاتِ أَن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ ءَامَنُواْ وَ عَمِلُواْ الصلِحتِ سَوَاءً مَّحْيَاهُمْ وَ مَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ* وَ خَلَقَ اللَّهُ السَّموَ تِ‏ وَ الْأَرْضَ بِالْحَقّ وَ لِتُجْزَى‏ كُلُّ نَفْسِ بِمَا كَسَبَتْ وَ هُمْ لَايُظْلَمُونَ».[۳]

ومن خلال التأمّل في هذه الآيات ونظائرها يُعلم أنّ المراد من الرجوع إليه تعالى هو المعاد و حضور الإنسان في عرصات القيامة ورؤيته لما قدّم من أعمال حسنة على صورة درجات الجنان، أو ما قدّمه من مذام الأفعال على صورة دركات النيران.

وعلى هذا الأساس فإنّ جميع ما جاء في القرآن الكريم والسنّة الشريفة لبيان حكمة الخلق هو مقدّمة لهذا الهدف الأسمى.

وبعبارة اخرى: الحكمة من خلق الإنسان هي أن يوظّف فكره و عقله للتعرّف على ربّه و خالقه، و يلتزم بالتعاليم التي رسمها له ربّ العالمين و بعثها إليه عن طريق الأنبياء و المرسلين؛ لينال سعادة الدنيا و الآخرة معاً وينتهي إلى الرحمة الإلهيّة المطلقة، و يخلد في النعيم والعيش الرغيد.

وأمّا إذا لم يلتفت إلى أوامر عقله، و سار خلف أهوائه، فحينها تتدنّس مرآة قلبه، وينسى‏ ربّه، ويبتعد بذلك عن رحمته الواسعة، ويسجّل لنفسه أسوأ حياة أبديّة.

نبذة مختصرة عن الكتاب‏

الكتاب الذي بين يديك- أيّها القارئ الكريم- يتناول بيان المقام الأبدي للمحسنين، والعاقبة المشؤومة للعاصين من منظار القرآن الكريم والأحاديث الإسلاميّة الشريفة، استعرضناها بنظمٍ حديث، ودعمناها ببيانات وتحليلات عند الحاجة، وذلك ضمن قسمين رئيسيّين:

القسم الأوّل: في الجنّة و المقام الأبدي للمحسنين و الأبحاث المتعلّقة بها.

ويدور الفصل الأوّل منه حول موارد استعمال كلمة «الجنّة» في القرآن و الحديث، و تدور الفصول التالية حول الجنّة الموعودة في العالم الاخروي.

فذكرنا في الفصل الثاني الروايات المتعلّقة بخلق الجنّة و النار، و بالتالي فقد تمّ نقد وتحليل الآراء المختلفة في خصوص ذلك.

واستعرضنا في الفصل الثالث أشهر أسماء الجنّة و أوصافها الواردة في القرآن الكريم والأحاديث الشريفة، وأما بقيّة العناوين- نظير: «الغرفة»، «الروضة»- فذكرناها في الأبحاث اللاحقة.

كما دار الفصل الرابع حول لذائذ الجنّة الماديّة و المعنويّة حيث ذكرت بشكل مفصّل، نظير اللذائذ التي ينالها الإنسان بالرؤية، وهي: الأطعمة اللذيذة، الأشربة السائغة، الأصوات العذبة، الزوجات من الحور العين، الخدم الحسان كأنهنّ اللؤلؤ المكنون، المراكب المريحة والسريعة في الجنّة.

ومضافاً إلى ذلك فقد تمّ التأكيد على أنّ جميع ما يهواه القلب أو تلتذّ به العين فهو موجود في الجنّة، إلّاأنّ أكبر لذائذها رضا اللَّه سبحانه و تعالى و محبّته ولقاؤه القلبي.

وأشرنا في الفصل الخامس إلي ما لا يوجد في الجنّة، نظير: التعب، الخوف، الغمّ، الأمراض الروحيّة والبدنيّة، النوم، الهرم وغيرها.

وسيلاحظ المطالع الكريم أنّ جميع الآيات و الروايات الواردة حول الجنّة تحثّ المخاطب بنحوٍ مّا لأن يكرّس جهوده ويسعي قدر وسعه لنيل الجنّة، إلّاأنّ جملة منها أكّدت هذا الموضوع بشكل خاص، نظير: القيمة التي لا يمكن تصوّرها للجنّة، و سهولة تحصيلها، أو ما دلّ منها على الامور التي تذكّر بالجنّة و تَحول عن الغفلة عنها، وقد تكفّل الفصل السادس ببيانها.

و دار الكلام في الفصل السابع حتى الفصل الثالث عشر حول طرق الوصول إلى‏ الجنّة، ومبادئها التكوينيّة، و العقيديّة والأخلاقيّة و العمليّة، و الدخول في مقام المحسنين في الآخرة.

ولاختلاف اسلوب الروايات واختلاف تعابيرها فيما يخصّ بيان طرق الدخول إلى الجنّة، فقد ذكرنا هذا الموضوع ضمن فصول عديدة ليكون أوقع في نفس القارئ الكريم. و أمّا الموانع العقائديّة والأخلاقيّة و العمليّة لدخول الجنّة فقد ذكرناها في فصل واحد، وهو الفصل الرابع عشر.

وذكرنا في الفصل الخامس عشر بعض القوانين الحاكمة في الجنّة، نظير: إذن الدخول في الجنّة، أوّل من يدخلها، آخر من يدخلها من الأنبياء و عوام الناس.

وخصصنا الفصل السادس عشر لبيان درجات الجنّة و مراتبها، و التي تُنال على أساس المعرفة و العمل، فمن كان ذا معرفة أسمى وأعمال حسنة أكثر دخل درجة أعلى في الجنّة، و تنعمّ بلذائذ أكثر.

و الفصل الأخير من فصول هذا القسم يذكر أهل الجنّة من أصحاب النبي صلى الله عليه و آله و أهل بيته، وهذا يعني أنّ هؤلاء يسيرون على الجادّة الوسطى في حياتهم، ولا ينحرفون عن مسير الهداية حتى آخر أعمارهم.

القسم الثاني: تكفّل هذا القسم بيان العاقبة المشؤومة والأكيدة للعاصين من منظار القرآن والأحاديث الشريفة، وقد تعرّضنا في مقدّمة هذا القسم إلى بيان فلسفة خلق النار و ماهيّة العقوبة الاخرويّة، ثمّ بحثنا المواضيع التالية: أسماء جهنم مرفقة بالإيضاحات الضروريّة، خلق النار والحكمة منه، تحذير اللَّه وأنبيائه من جهنّم، الحثّ على ذكر هذا المقام المخيف والاستعاذة منه باللَّه سبحانه، خصائص جهنّم، الأذى الروحي لأهل جهنّم، خصائص أهل جهنّم، حياة أهل جهنّم وحالاتهم المختلفة، ما يؤدّي بالإنسان لهذه العاقبة المشؤومة، ما يحول بين الإنسان وبين هذه العاقبة المشؤومة، وذلك ضمن أحد عشر فصلًا.

وبحثنا في الفصل الثاني عشر من هذا القسم القوانين الحاكمة على جهنّم تحت عنوان «نظام جهنّم». كما أشرنا في الفصل الأخير إلى عدد من الذين أخبر القرآن الكريم أو الأحاديث الشريفة بأنّهم من أهل جهنّم.

اسلوب تدوين الكتاب و منهجيّته‏

لقد اعتمدنا في تدوين النصوص واستخراجها على منهج واسلوب خاصّ نلخّصه في النقاط التالية:

۱. إنّنا نعتقد أنّ الأحاديث المرويّة عن أهل بيت الرسول صلى الله عليه و آله هي في حقيقتها أحاديث الرسول صلى الله عليه و آله، كما ورد ذلك عن الإمام الرضا عليه السلام حيث قال:

إِنّا عَنِ اللَّهِ و عَن رَسولِهِ نُحَدِّثُ.[۴]

ويقول الإمام الصادق عليه السلام:

حَديثي حَديثُ أبي و حَديثُ أبي حَديثُ جَدّي، و حَديثُ جَدّي حَديثُ الحُسَينِ، و حَديثُ الحُسَينِ حَديثُ الحَسَنِ، و حَديثُ الحَسَنِ حَديثُ أميرِ المُؤمِنينَ عليه السلام، و حَديثُ أميرِ المُؤمِنينَ حَديثُ رَسولِ اللَّهِ صلى الله عليه و آله، و حَديثُ رَسولِ اللَّهِ قَولُ اللَّهِ عز و جل.[۵]

ولهذا فإنّنا استلهمنا من جميع الأحاديث المرويّة عن رسول اللَّه صلى الله عليه و آله وأهل بيته عليهم السلام بشكل واحد.

۲. بذلنا جهودنا- قدر الإمكان- في سبيل استقصاء جميع الروايات الواردة حول كلّ موضوع من مواضيع الكتاب من المصادر الحديثيّة القديمة للفريقين (الشيعة و أهل السنّة) وبشكل مباشر، وذلك بالاستعانة ببرامج الحاسوب الآلي، ثمّ قمنا بتنظيمها بعد نقل كلّ نصّ منها على بطاقة خاصّة، ليتسنّى لنا بذلك اختيار أقدم النصوص وأكثرها وثوقاً. وفيما يخصّ الأدعية اقتصرنا على الأدعية المأثورة عن‏ النبي وآله الأطهار عليهم السلام إلّافي موارد قليلة.

۳. حاولنا تحاشي تكرار الروايات، إلّافي الموارد التالية:

أ أن يكون الاختلاف في بعض المفردات أو الاصطلاحات المستخدمة في النَّصَّين منطوياً على نقطة هامّة.

ب- أن يكون هناك اختلاف في نقل الحديث بين المصادر الحديثيّة الشيعيّة والسنيّة.

ج- أن يكون النصّ متعلّقاً ببابين أو أكثر من أبواب الكتاب، بشرط ألّا يزيد على سطرٍ واحد.

۴. إذا ورد الحديث الواحد عن النبيّ الأعظم صلى الله عليه و آله وبعض الأئمّة عليهم السلام، أدرجنا الحديث المروي عن النبيّ صلى الله عليه و آله في المتن، وأشرنا للروايات المرويّة عن أهل بيته عليهم السلام، مع التنويه إلى مصادرها و تخريجها في الهامش، إلّاإذا اشتمل الحديث المروي عن أهل البيت على نقطة جديدة، فعندها نذكره في المتن بصورة مستقلّة.

۵. في كلّ باب من الأبواب أوردنا الآيات المتعلّقة به أوّلًا ثمّ الروايات المرويّة عن قادة الدين، وقد راعينا في ترتيبها التسلسل التأريخي بدءاً برسول اللَّه صلى الله عليه و آله وختماً بالإمام المهدي (عج)، إلّافي الصورتين التاليتين:

أ- إذا كانت الرواية في تفسير الآيات المذكورة فعندها ستقدّم على غيرها من الروايات.

ب- إذا استوجب التناسب الموضوعي بين الروايات تنظيمها بشكل آخر.

۶. أوردنا في بداية كلّ رواية اسم النبيّ صلى الله عليه و آله أو الإمام الذي رويت عنه الرواية خاصّة، إلّاإذا كان المروي فعل المعصوم، أو كان هناك دورٌ للراوي في تلك الرواية؛ كأن تشتمل على سؤال وجواب مثلًا فحينها نذكر اسم‏الراوي مسبوقاً باسم المصدر.

۷. نظراً لتعدّد أسماء وألقاب النبيّ صلى الله عليه و آله وأهل بيته عليهم السلام فقد اخترنا عنواناً واحداً

للتعبير به عن كلّ واحد منهم ليكون ثابتاً ودالًاّ عليه في تمام الكتاب.

۸. رتّبنا مصادر الحديث في الهامش على أساس قيمتها واعتبارها، إلّاأنّنا لم نراع هذا الترتيب أحياناً لبعض الأسباب، نظير: تحاشي التكرار في ذكر اختلاف النصوص، أو الراوي، أو المروي عنه.

۹. فيما لو أمكن التوصّل للحديث ونقله عن مصادره الأصليّة نقلناه عنها مباشرة، ثمّ عقّبنا تخريجه بذكر تخريجه في «بحار الأنوار» باعتباره من المجاميع الروائية الشيعيّة، و «كنز العمّال» باعتباره من المجاميع الروائية السنّية؛ بغية تيسير السبيل أمام القرّاء للعودة إلى الحديث.

۱۰. بعد ذكر مصادر الحديث والتوثيق لها في الهامش، أحلنا أحياناً إلى بعض المصادر وأشرنا إليها بكلمة «راجع»؛ ممّا يعني وجود اختلاف كبير بين النصّ المنقول والنصّ المحال عليه، إلّاأنّه ذا علقة بموضوع البحث أو الحديث المذكور.

۱۱. أحلنا أحياناً إلى بعض أبواب الكتاب للتناسب الموضوعي أو الاشتراك في محتواهما.

۱۲. الهدف من كتابة المداخل لبعض فصول الكتاب أو البيانات التي أعقبت بعض الأحاديث هو بيان نظرة الروايات العامّة في هذا الفصل أو القسم، وبيان بعض النقاط المبهمة أو المعقّدة في أحاديثها أحياناً.

۱۳. أهمّ نقطة في هذا المنهج هي السعي قدر المستطاع من أجل حصول الاطمئنان بصدور أحاديث كلّ باب عن المعصوم عليه السلام، وذلك من خلال القرائن العقليّة والنقليّة.

۱۴. أحد الآداب المهمّة في نقل الحديث هي كيفيّة نسبته للنبي صلى الله عليه و آله وأهل بيته الأطهار عليهم السلام، فقد روى الكليني في الكافي عن أمير المؤمنين عليه السلام قوله:

إذا حَدَّثتُم بِحَديثٍ فَأَسنِدوهُ إلَى الَّذي حَدَّثَكُم، فَإِن كانَ حَقّاً فَلَكُم، و إن كانَ‏ كَذِباً فَعَلَيهِ.[۶]

وعليه نوصي- وبشكل مؤكّد- من يريد نقل حديثٍ عن كتابنا هذا أو أيّ كتاب حديثي آخر أن لا ينسبه إلى النبي صلى الله عليه و آله وأهل بيته الأطهار عليهم السلام مباشرةً؛ وذلك رعايةً للاحتياط، بل يسنده إليهم مع ذكر مصدر الحديث. فلا ينبغي أن يقول- مثلًا-:

«قال النبي صلى الله عليه و آله كذا»، أو: «قال الإمام عليه السلام كذا»، بل يقول: «روى المصدر الكذائي عن النبي صلى الله عليه و آله كذا»، أو: «روي عن النبيّ صلى الله عليه و آله كذا».

شكر و تقدير

أشكر الباري سبحانه علي توفيقه لتدوين هذا الكتاب، كما أتقدّم بالشكر البالغ لجميع زملائي الأعزّاء في «مركز علوم ومعارف الحديث» حيث أعانوني في جمع و تدوين و تقييم و تصحيح وتقويم و نشر الكتاب، وخاصة سماحة الفاضل السيّد رسول الموسوي الذي تمّ الكتاب بثمرات مساعدته ومثابرته.

وأسأل الباري تعالى أن يجزيهم من فضله، وأتضرّع إليه أن يحسن عواقب امورنا و أن ينجينا من جهنّم ونيرانها، ويدخلنا فسيح جنّاته مع أوليائه الطاهرين.

ربّنا تقبّل منّا إنّك أنت السميع العليم‏

محمّد الري شهري‏

۲۳/ ۱۰/ ۱۳۸۸

۲۷ محرم الحرام ۱۴۳۱

 


[۱] ( ۱). المؤمنون: ۱۱۵.

[۲] ( ۲). ص: ۲۷ و ۲۸.

[۳] ( ۱). الجاثية: ۲۱ و ۲۲.

[۴] ( ۱). رجال الكشي: ج ۲ ص ۴۹۰ ح ۴۰۱، بحارالأنوار: ج ۲ ص ۲۵۰ ح ۶۲.

[۵] ( ۲). الكافي: ج ۱ ص ۵۳ ح ۱۴، الإرشاد: ج ۲ ص ۱۸۶، منية المريد: ص ۳۷۳، بحار الأنوار: ج ۲ ص ۱۷۸ ح ۲۸.

[۶] ( ۱). الكافي: ج ۱ ص ۵۲ ح ۷ عن السكوني عن الإمام الصادق عليه السلام، بحارالأنوار: ج ۲ ص ۱۶۱ ح ۱۵.